ترقيات




بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد محمود الدكرورى. نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد مجدى خليل هارون وعويس عبد الوهاب عويس وعلى عوض محمد صالح وأحمد حمدى الأمير. المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 10/3/1988 أودع الأستاذ ………… المحامى والوكيل عن …………… قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1110 لسنة 34 قضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات بجلسة 28/1/1988 فى القضية رقم 3996 لسنة 40 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه إلغاء مجردا مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن قبول الطعن شكلا والحكم (أولا) وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه الى حين الفصل فى الطعن المعروض (ثانيا) وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن الدرجتين.
وفى يوم الاثنين الموافق 28/3/1988 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة تقرير طعن فى ذات الحكم قيد تحت رقم 1383 لسنة 34  قضائية، وطلبت للأسباب الواردة فى التقرير الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل الأتعاب.
وفى يوم الأربعاء الموافق 16/3/1988 أودع الأستاذ …………….المحامى بصفته وكيلا عن رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تقرير طعن فى ذات الحكم السالف ذكره قيد تحت رقم 1172 لسنة 34 قضائية، وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان الطعون الثلاثة إعلانا قانونيا الى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا فى الطعن الأول ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات عن الدرجتين .
كما أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا فى الطعنين الثانى والثالث طلبت فيه لما ساقته من أسانيد – الحكم بقبول هذين الطعنين شكلا، ورفضهما موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن الأول (رقم 1110 لسنة 34 ق عليا) أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 11/7/1988، وبجلسة 23/10/1989 تقرر ضم الطعن المذكور الى الطعن الثانى (رقم 1383 لسنة 34 ق عليا ) ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 23/12/1991 قررت المحكمة ضم الطعن الثالث (رقم 1172 لسنة 34 ق ) إلى الطعنين السالف ذكرهما ليصدر فيهم حكم واحد. هذا وبجلسة 25/5/1992 قررت الدائرة إحالة الطعون الثلاثة الماثلة الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرها بجلسة 4/7/1992. حيث تداول نظرها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر بجلسة 10/4/1993 حجزها للحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة قانونا.
وحيث أن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 28/1/1988 وأقيم الطعن الأول رقم 1110 لسنة 34 ق فى 10/3/1988 والطعن الثانى رقم 1383 لسنة 34 ق فى 28/3/1988 والطعن الثالث رقم 1172 لسنة 34 ق فى 16/3/1988. أى خلال الميعاد المقرر قانونا، واذ استوفت الطعون سائر أوضاعها الشكلية – ومن ثم فهى مقبولة شكلا.
وحيث أن عناصر هذه المنازعة تتمثل – حسبما يتبين من الأوراق فى أن سعيد محمد سعيد البحيرى (المطعون ضده ) أقام دعواه – المطعون على حكمها – بالطعن الماثل بصحيفة مودعه قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 11/6/1986 حيث قيدت برقم 3996 لسنة 40 القضائية طالبا فى ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 الصادر فى 15/2/1986 بتعيين (ابراهيم فؤإد الحديدى) فى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون وتنمية الريف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى وذلك فيما تضمنه من تخطيه فى التعيين فى هذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال شرحا لدعواه أنه حائز على بكالوريوس الزراعة سنة 1952، وعين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى 15/3/1954 وأرجعت أقدميته فى درجة بداية التعيين إلى 1/6/1952 وتدرج فى وظائف الهيئة إلى أن رقى إلى الدرجة الثانية فى 31/12/1972 (الأولى بالقانون رقم 47 لسنة 1978) – ثم أرجعت أقدميته فيها الى 31/12/1970، ورقى الى وظيفة مدير عام بالإدارة العامة للتعاون والخدمات اعتبارا من 29/5/1981 بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2733 لسنة 1981، وخلال عمله بالهيئة شغل العديد من الوظائف الهامة آخرها وظيفة “مدير عام أملاك الدولة الخاصة، رئيس اللجنة العليا للإصلاح الزراعى والتى ما برح يشغلها هذا وقد نال طوال حياته الوظيفية تقارير كفاية بدرجة ممتاز، ولم توقع عليه أية جزاءات أو عقوبات تأديبية واستطرد المدعى قائلا أنه فوجئ بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 الصادر فى 15/2/1986 (مثار النزاع) ينص على تعيين المهندس الزراعى/ إبراهيم فؤاد الحديدى رئيسا للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى، ولما كان المدعى أقدم منه لأنه حائز على الدرجة الأولى اعتبارا من 31/12/1970 بينما حصل المطعون على ترقيته على هذه الدرجة فى 29/5/1981، ورقى المدعى إلى وظيفة مدير عام اعتبارا من 29/5/1981 بينما رقى المطعون على ترقيته إلى وظيفة مدير عام فى 29/11/1983 وعليه يكون قرار ترقية المطعون عليه الى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية قد جاء مخالفا لحكم المادة 37 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 لأنه لا يجوز تخطى الأقدم وترقيه الأحدث المتساوى معه فى مرتبه الكفاية، وقد تظلم المدعى من هذا القرار بتاريخ 6/3/1986 ولما لم يتلق ردا على تظلمه أقام دعواه المطعون فى الحكم الصادر فيها – وضم صحيفة افتتاح دعواه بالطلبات السالف ذكرها.
وردا على الدعوى أودع الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الدعوى ركونا الى أن القرار المطعون فيه يتضمن تعيين المطعون عليه فى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى تطبيقا لنص المادتين 15/16 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1978، وليس الأمر بصدد ترقيه إعمالا لحكم المادتين 36، 37 من هذا القانون.
وحيث أنه بجلسة 28/1/1988 حكمت محكمة القضاء الإدارى – المطعون فى حكمها بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 161 لسنة 1986 المطعون فيه إلغاء مجردا، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة حكمها بذلك على أن مفاد نص المادتين 12، 15 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 7 4 لسنة 1978 أن الأصل العام فى شغل الوظائف أن يكون عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب، وأن الأصل فى التعيين طبقا للفقرة الأولى من المادة 15 “أن يكون فى أدنى الدرجات لأول مرة وأن الاستثناء منصوص عليه فى الفقرة الثانية من هذه المادة، والتى أجازت التعيين فى غير أدنى الدرجات سواء من داخل الوحدة أو من خارجها وعليه فلا مجال لاعمال هذا الاستثناء ويتعين الالتجاء الى الأصل العام ما دام ذلك ممكنا وليس ثمة مقتضى للخروج عليه، وأنه لما كان يبين من الأوراق أن المهندس الزراعى ابراهيم فؤاد الحديدى كان يشغل وظيفة مدير عام مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة اعتبارا من 29/11/1983 وهى وظيفة تابعة لوزارة الزراعة ثم ندب رئيسا للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى 2/3/1985 وبتاريخ 5/2/1986 صدر القرار المطعون فيه بتعيينه رئيسا للإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة المذكورة، وبالتالى فان قرار الطعن هو فى حقيقته قرار بنقل السيد المذكور نقلا نوعيا الى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى متضمنا الترقية الى وظيفة أعلى. ولما كان الامر كذلك وأجدبت الأوراق من إجراء الجهة الإدارية مفاضلة حقيقية وجادة بين المطعون على ترقيته وزملائه العاملين بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وأنه قد تعذر شغل الوظيفة محل النزاع بسبب عدم صلاحية أى من هؤلاء العاملين لشغلها ولذا كان القرار المطعون فيه يكون قد صدر بغير مقتضى يبرره، ووقع بالتالى مخالفا للقانون.
وأردفت المحكمة قائلة ان القرار المطعون فيه قد صدر مخالفا للمادة 36 – من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 – فيما تضمنه من حظر ترقية العامل المنقول قبل سنة على النقل ما لم يكن النقل وفقا لاحدى الحالات الثلاث الواردة بها على سبيل الحصر- وهى أن تكون الترقية فى وظائف الوحدات المنشأة حديثا أو كان نقل العامل بسبب نقل تمويل وظيفته، أو لم يكن من بين العاملين بالوحدة المنقول إليها العامل من يستوفى الشروط القانونية اللازمة للترقية خلال هذه السنة – واذ الثابت أنه لا تتوافر فى الحالة الماثلة احدى هذه الحالات الثلاث – ومن ثم خلص الحكم المطعون فيه إلى أن قرار الطعن المنطوى على ترقية المطعون ضده إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية بالفئة العالية بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى قد صدر مخالفا للقانون خليقا بالإلغاء.
وحيث أن مبنى الطعون الماثلة هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن (أولا) أن المستفاد من نص المادة 15 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1978 أن المشرع منح الإدارة سلطة التعيين فى وظائف الإدارة العليا من خارج العاملين فى الوحدة دون أن يعتد اطلاق النص بضوابط الترقية التى تقوم على ترقية الأقدم عند التساوى فى الكفاءة، ومع ذلك فقد أجرت الجهة الإدارية قبل إصدارها القرار المطعون فيه المفاضلة المطلوبة على ضوء ما كشف عنه تقرير الرقابة الإدارية بين الصادر لصالحه القرار المطعون فيه والمطعون ضده وزملائه هذا وقد أفصحت الهيئة الطاعنة عن ذلك بمذكرتها المودعة بجلسة 2/4/1987 وقررت المحكمة ضم هذا التقرير بجلسة 25/6/1987 الا أنها أصدرت الحكم المطعون فيه دون انتظار ورود هذا التقرير وفضلا عن ذ لك فقد استعرضت الجهة الإدارية الأعمال التى تولاها الصادر لصالحه قرار التعيين وغيره من العاملين بالجهة المعين فيها ومنهم المطعون ضده، وهو ما ذكرته الهيئة فى دفاعها فى الدعوى.
(ثانيا) أن الحكم المطعون فيه ذهب الى أن القرار المطعون فيه هو فى حقيقته قرار نقل نوعى بمقولة أن الصادر لصالحه قرار الطعن من العاملين بوزارة الزراعة ونقل الى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى وركن هذا الحكم الى حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعنيين رقمى 736، 737 لسنة 25 ق بجلسة 7/2/1982 لاستبعاد أعمال الرخصة التى قررتها الفقرة الأخيرة من المادة (15) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه فى حين أن الحكم المذكور لا يغير هذا التصور إنما استهدف الحكم المستشهد به استبعاد الاستثناء و اللجوء الى الأصل العام فى شغل الوظائف المطلوب التعيين فيها عن طريق الترقية لأن جميع العاملين المتقدمين للتعيين فى غير أدنى الدرجات من العاملين فى ذات الوحدة دون أن يتقدم أحد من الخارج. واذا كانت ميزانية وزارة الزراعة مستقله تماما عن ميزانية الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، فأن ذلك دليل على فساد الاستدلال الذى استندت اليه المحكمة من استبعاد اللجوء الى الاستثناء الوارد بالفقرة الأخيرة من المادة (15) المشار إليها الذي يجيز للجهة الإدارية التعيين من خارج الوحدة، والتعيين والنقل مدلولان لا يختلطان لأن التعيين نقل وظيفة ذات درجة مالية غير تلك التى يشغلها العامل أو غير معادلة لها، أما النقل فيستصحب فيه العامل جميع العناصر المكونة لمركزه الوظيفى السابق، وعلى الأخص الدرجة المالية – هذا الى أن تعيين العامل فى الحكومة أو القطاع العام فى الوظائف العليا لا يخضع لقيد عدم جواز الترقية خلال عام باعتباره تعيينا لا يسرى بشأنه هذا القيد.
وحيث أن المادة (12) من نظام العاملين المدنيين الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة – وتقضى المادة 15 منه بأن: “يكون التعيين ابتداء فى أدنى وظائف المجموعة النوعية الواردة فى جدول وظائف الوحدة. ويجوز التعيين فى غير هذه الوظائف من داخل الوحدة أو من خارجها فى حدود 10% من العدد المطلوب شغله من وظائف كل درجة، وذلك طبقا للقواعد والشروط التى تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية، وتعتبر الوظائف الشاغرة فى كل درجة بالمجموعة النوعية وحدة واحدة على مدار السنة فى تطبيق هذه النسب، فاذا كان عدد الوظائف المطلوب شغلها يقل عن عشرة جاز تعيين عامل واحد.
وتستثنى من أحكام الفقرتين السابقتين الوظائف العليا”.
كما تنص المادة (16) منه على أن يكون التعيين فى الوظائف العليا بقرار من رئيس الجمهورية ويكون التعيين فى الوظائف الأخرى بقرار من السلطة المختصة.
وحيث أن مفاد ما تقدم أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 قد حدد فى مادته (12) وسائل أربعة لشغل الوظائف وهى التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب وذلك مع مراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة لشغل الوظيفة حسب الوسيلة التى يتقرر اتباعها، واختيار أى وسيلة مما تقدم لشغل الوظائف الشاغرة هو من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة فلا سبيل لإلزامها باتباع وسيلة تعيينه أو العدول عن وسيلة قررت اللجوء اليها بغية شغل وظيفة خالية طالما أن قرارها فى هذا الشأن صدر فى نطاق الرخصة المخولة لها قانونا ولم يقم دليل على الانحراف بالسلطة.
وحيث أن ولئن كان المشرع قد جعل التعيين احدى الطرق التى تشغل بها الوظائف العامة فانه قد جعل الأصل العام هو أن يتم هذا التعيين فى أدنى وظائف المجموعة النوعية الواردة بجدول وظائف كل وحدة، وأجاز خروجا على هذا الأصل أن يتم التعيين فى غير أدنى وظائف المجموعات النوعية سواء من داخل الوحدة أو من خارجها وذلك فى حدود 10% من مجموعات الدرجات الخالية، ثم استثنى الوظائف العليا من الأحكام المتقدمة وأسند إلى رئيس الجمهورية – الذى فوض بدوره رئيس مجلس الوزراء – سلطة التعيين فى هذه الوظائف، وبذلك يكون المشرع قد أطلق لسلطة التعيين حرية اختيار العناصر الصالحه لشغل الوظائف العليا متى توافرت فيها متطلبات الوظيفة وشروطها.
وحيث أنه يجب أن يراعى فى اختيار القائمين على شغل الوظائف القيادية مواصفات خاصة، لذا يجب أن تكون حرية الجهة الإدارية فى الاختيار لهذه الوظائف أوسع نطاقا لما تطلبه من اعتبارات لشخص المرشح لها، طالما كان الاختيار غير مشوب بانحراف فى استعمال السلطة، ومادام مطابقا للقانون.
وحيث أن قرار النقل كوسيلة لشغل الوظائف لا يكون الا لمن يشغلون مراكز قانونية فى ذات المستوى، ولا يسوغ القول بأن قرارا ما تضمن نقلا وترقية فى أن واحد طالما أن الموظف لم ينقل الى وظيفة عليا معادلة – للوظيفة التى كان يشغلها – ثم تمت ترقيته بعد ذلك الى وظيفة أعلى فى الجهة المنقول اليها – وانما عين رأسا فى الوظيفة الأعلى ففى هذه الحالة وأمثالها يكون القرار بنصه وفحواه قرار تعيين فى إحدى الوظائف العليا وهو ما تملكه جهة الإدارة رأسا من خارج الوحدة بمراعاة اشتراطات شغل الوظيفة.
وحيث أن المصلحة العامة والمصلحة الفردية لا تتوازيان فى مجال الروابط القانونية التى تنشأ بين الإدارة والأفراد ولأن عيب اساءة استعمال السلطة انما يشوب الغاية من القرار ذاته بأن تكون الإدارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة وأصدرت قرارها بباعث لا يمت لتلك المصلحة فعيب اساءة استعمال السلطة هو من العيوب القصدية قوامه أن يكون لدى الإدارة قصد اساءة استعمال السلطة، فإذا لم يكن لدى الإدارة هذا القصد أو باعث من هوى أو تعد أو انتقام فلا قيام لعيب اساءة استعمال السلطة مهما تكن الأضرار التى تعيب المصلحة الفردية من القرار.
وحيث إنه بإنزال حكم القانون السالف بيانه على واقعات الطعن، وكان الثابت أن ابراهيم فؤاد الحديدى – المطعون على تعيينه – حائز على بكالوريوس الزراعة عام 1950، وعين بتاريخ 24/6/1951، وسلف له أن شغل عدة وظائف بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى فقد شغل بها وظيفة مفتش عام تعاون، ومفتش عام بالتفتيش الفنى، ومدير إدارة، ثم مراقب عام الاستزراع وتحسين الأراضى، تنم عين بوظيفة مدير عام مديرية الزراعة بالجيزة اعتبارا من 29/11/1983، وندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية، وحصل على دورة تدريبية من معهد القادة الإداريين وثلاث دورات فى أساليب التنمية الإدارية، وأمضى دورتين لاستزراع وتحسين الأراضى، وسبعة أشهر فى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الخدمات التى تؤديها الحكومة والجمعيات التعاونية الزراعية للمزارعين بالإضافة الى أنه كان نائبا لرئيس البعثة الزراعية التى أوفدتها رئاسة الجمهورية لتنظيم قطاع الزراعة والتعاون بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لمدة عامين ممثلا للهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالبعثة
وحيث إنه تأسيسا على ما تقدم فإن صدور القرار المطعون فيه رقم 161 لسنة 1986 بتعيين ابراهيم فؤاد الحديدى بوظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعاون والتنمية الريفية يكون مطابقا للقانون، ولا وجه لكل ما ينعى على هذا القرار بموازين الترقية وبأحكامها لأنه ليس قرارا بالترقية، ولا محل لمواجهة هذا القرار بضوابط النقل ومحاذيره، لأنه ليس قرارا بالنقل، ولكنه قرار تعيين تملكه الجهة الإدارية بموجب ما سلف بيانه من أحكام القانون.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكانت الأوراق خالية من دليل على أن ذلك القرار شابه عوار فى غايته، فأنه يكون مطابقا للقانون، ولا تثريب على جهة الإدارة التى تملكه فى اتخاذه بما لها من سلطة فى ذلك أضفاها عليها القانون، وبالتالى فإن هذا القرار يكون بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر فإنه يكون مخالفا للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه، وبرفض دعوى إلغاء القرار المشار إليه، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات .